فنون وآداب اخرى

عماد وديع: النقد بين الفن والأدب.

عماد وديع ★

النقد الأدبي هو عمل يشترك فيه ذوق الناقد وفكره  للكشف عن مواطن الجمال أو القبح في الأعمال الأدبية  فالنقد  الأدبى   ذوق  وعلم وفن وتعبير مكتوب أو منطوق من متخصّص يُسَمَّى ناقدًا، عن الجَيِّد والرديء في أفعال أو إبداعات أو قرارات المبدعين في مُخْتَلِفِ المجالات من وجهةِ نظر الناقد كما يوضح مكامن القوة والضعف فيها، وقد يقترح أحيانًا الحلول.

وظيفة النقد الأدبيّ

يختصّ بالنصّ المراد نقده، ومن حيث مراجعة مصادره، وشرح أهدافه، وصوره الفنيّة خاصّة في الأعمال الأدبية التي تحتاج لنقد أدبيّ حتى تتبين معانيها ومقاصدها بشكل أكبر للقارئ والمتلقّي وتقويم الأعمال الأدبيّة يعتمد على بناء العمل الأدبيّ نفسه، فالناقد الأدبيّ يجب عليه معرفة النص معرفةً مُحكمةً، وعلى إلمام تام بجميع جوانب تجربة الشاعر، وبُنية النص المراد نقده؛ حتى يفاضل بينه وبين نصوص أخرى ضمن المجال  نفسه فبقدر ما يكون النقد الأدبي جيدًا بقدر ما ترتفع جودة الأدب، وذلك لأن الأديب سيعلم بأن هناك أشخاص ستراجع أعماله وتحللها، وبالتالي يقوم بكتابتها بشكل جيد الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأدب بشكل كبير.

وأيضًا نجد أن الأدب سابق للنقد في الظهور ولولا وجود الأدب لما كان هناك نقد أدبي لأن قواعده مستقاة ومستنتجة من دراسة الأدب واختلاف مناهج النقد معناه اختلاف في وجهات النظر والذوق هو المرجع الأول في الحكم على الأدب والفنون لأنه أقرب الموازين والمقاييس إلى طبيعتها.

كما يرتبط النقد الأدبي بباقي العلوم الإنسانية كعلم الفلسفة، والاجتماع، التاريخ، وعلم اللغة كما يعمل على تفسير مؤلفات الماضي والحاضر، فيراجع أعمال المؤلفين السابقين


والناقد الفني

هو صاحب الحس المرهف والذوق السليم  الذى يمتلك الموهبة  فينظر في النصوص الأدبية شعرية كانت أو نثرية ثم يأخذ بالكشف عن مواطن الجمال والقبح فيها معللاً ما يقوله فهوالخبير بالأدب ومارسه، وتخصص في فهمه ودرس أساليب الأدباء ومنح القدرة على فهم أسرارهم والتعمق فى  إدراك مشاعرهم وعواطفهم، بفهمه العميق وحسه المرهف وكثرة تجاربه الأدبية.

ولذا لا يوجد  نقد أدبي صائب وآخر خاطئ وإنما يوجد نقد أدبي أكثر قدرة على تأويل العمل الفني وتفسيره، وعلى الباحث أن يميز بين النقد الأدبي والتاريخ الأدبي، حيث أن النقد الأدبي يدرس الأدب القديم والحديث، بينما التاريخ الأدبي يعمل على دراسة الظواهر القديمة من الأدب ومن ثم يقوم بإحيائها من جديد.

هناك بعض الشروط الواجب توافرها في الناقد الأدبي  .

أن يمتلك قدرًا وافرًا من المعرفة والثقافة لتكون خير معين له على إصدار الحكم الصائب.

ويحتاج إلى إمتلاكه لموهبة كبيرة في المجال النقدي ولن تكفي الموهبة الأدبية في حال لم يكن الباحث قد اطلع على الأدب من كافة جوانبه، وعرف كافة الأنماط الأدبية فيها   يكون قادرًا على تمييز الأنواع الأدبية الجديدة التي يقدمها الأديب خلال نصه الأدبي.

وأن يكون لديه اهتمام كبير بالكتابة ومهارة إيجاد طرق مبتكرة للتعبير عن آرائه ويمتلك القدرة على التواصل ولديه شغف بإثارة مواضيع ومناقشات تهم الرأي العام

ويُصدِر الناقد الأدبي أحكامه بكل شفافيّة ونزاهة بعيدًا عن الهوى والتعصُّب؛ وذلك بأن يُعلِّل أحكامه ويُفسِّر رأيه بناءً على أُسُس علميّة غير خاضعة لعاطفته أو ميوله الشخصية

وللنقد الأدبي مناهج ونظريات وتيارات نقدية 



يوجد عدد كبير من مناهج النقد الأدبي والتي تتنوع وتتغير بشكل مستمر ويعد الهدف الأساسي من مناهج النقد الأدبي اقتحام النص الأدبي، والاطلاع على خفاياه وتمييز خصائصه.

المَنهَج التاريخيّ:

يعمل المنهج التاريخى على دراسة الفن الأدبي منذ ولادته مرورًا بمراحل نموه وتطوره.

كما يعمل الناقد في المنهج التاريخي على مناقشة الآراء التي تم طرحها في العمل الأدبي أو مع مؤلف هذا العمل، ومن ثم يعمل على إجراء موازنة بين هذه الآراء  لكى يكون  صورة عن التفكير السائد في ذلك العصر بالإضافة إلى  التأكد من صحة النصوص، ومن نسبتها إلى أصحابها بشكل صحيح وسليم.

المنهج الاجتماعيّ:

انبثق المنهج الاجتماعيّ عن المنهج التاريخيّ وأخذ عنه أساسيّاته، والجدير بالذكر أنَّ الوعي التاريخيّ سرعان ما تحوَّل إلى وعي اجتماعيّ، يرتبط به الأدب، ويمثِّل الحياة على المستوى الجماعيّ، ويتفاعل مع أنظمة المجتمع وتحوُّلاته ومن أبرز المذاهب التي تبنَّت المذهب الاجتماعيّ النَّقْدي هي الماركسيّة، والواقعيّة الغربيّة؛ حيث عملتا جنبًا إلى جنب في تعزيز النَّقْد الاجتماعي

المنهج النفسيّ

بدأ المنهج النفسيّ تطبيق آليّة عمله بالتزامن مع ظهور نظرية فرويد للتحليل النفسيّ، حيث درس ظواهر الإبداع في الأدب على ضوء السلوك البشري بردِّه إلى منطقة اللاشعور، وهو مجموعة من الرغبات المُخزَّنة وغير الظاهرة للشخصيّة الإنسانيّة، والتي قد يحلم بها الإنسان في أثناء نومه معتبرًا أنَّ تفسير الأحلام هو الأساس الذي يعبِّر عن الشخصيّة الإبداعيّة من شعر، وموسيقى، وفن، فلجأ فرويد إلى ربط النص الأدبيّ بمنطقة اللاشعور لدى صاحبه، واعتبر الشخصيات الأدبية شخصيات حقيقية تعبِّر عن رغبات حقيقية مكبوتة، تتمثل في بُنية نفسيّة مُخزَّنة في منطقة اللاوعي لدى المبدع، وتظهر من خلالها على سطح النص الأدبيّ.

المنهج البُنيَويّ

المنهج البنيوي يتميز هذا المنهج على ثنائية المبنى والمعنى في اللغة العربية، حيث أن الزيادة في المعنى تؤدي إلى زيادة في المبنى، والعكس صحيح ويعد فرديناند دي سوسير من أبرز مؤسسي هذا المنهج ومن أبرز رواده في القرن العشرين.

ويعتبر هذا المنهج من أقرب المناهج للأدب، حيث أن المنهج البنيوي يعتمد على الإبداع في النقد وهو  الذي كان له أثر في النصف الأول من القرن العشرين

المنهج السيميولوجي

وتعنى العلامة اللُّغوية، فقد وضع العالم “سوسور” الخواصَّ الأساسيّة للعلامات اللُّغوية، أو الرموز، وحصر هذا العلم في دراسة العلامات في دلالاتها الاجتماعيّة،

بينما قام العالم “بيرس” بتحليل أنواع العلامات وميّزها بمستوياتها المُتعدِّدة؛ حيث حدَّد الفروق بين الإشارات مثل: السهم، وحركة الإصبع، وميّز الأيقونة عن الرمز الذي يصل بين مدلول الكلمة ودليلها الخارجيّ.


المنهج الفني في النقد

  يعتبر الهدف الأساسي والرئيسي من هذا المنهج الاطلاع على عمل الأديب، وقياسه باستخدام القواعد والأصول الفنية، لذا  يجب على الناقد أن يطلع على كافة الأجناس الأدبية، لكى يستطيع أن يحدد نوع النص الأدبي الذي يقوم بنقده سواء أكان هذا النص أقصوصة أم رواية أم بحث أم ترجمة أم صنف آخر من الأجناس الأدبية وايضاً قياس القيمة الشعورية والقيمة التعبيرية، والتوافق بين النص الأصلي الذي قام الأديب بإبداعه مع أصول الجنس الأدبي الذي ينتمي نصه إليه.

بعد ذلك يقوم الناقد بالاطلاع على مجمل الأعمال التي قدمها الأديب، وذلك من أجل أن يكون قادرًا على تحديد خصائص الأديب الفنية الشعورية، والتعبيرية ايضاً يقوم بمقارنة النص الأدبي الذي يقوم بنقده مع عدد من النصوص الأدبية الاخرى التي تنتمي إلى ذات المجال الذي ينتمي إليه نص الأديب.



ويوجد كتب شهيرة  تتحدث عن الأدب والنقد على سبيل المثال:

-الثابت والمتحول
–  بحث في الإبداع والاتباع عند العرب “أدونيس”

–  نزهات في غابة السرد “أمبرتو إيكو”


– تطور الرواية الحديثة “جيسي ماتز”.

–  الرواية المعاصرة  “روبرت إيغلستون”

–  لذَّة النص “رولان بارت”

–  في الأدب والكتابة والنقد “رولان بارت”

–  الأديب وصناعته “روي كاودن”

– الأدب الإنجليزي الحديث “سلامة موسى”

– فصول في الأدب والنقد  “طه حسين”

– دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي “عبد الرحمن بدوي”

– رحلة ضوء “عبد الرحمن منيف”

– السردية العربية الحديثة “عبد الله إبراهيم”

–  فن الرواية “ميلان كونديرا”

– في معرفة النَّص “يمنى العيد”


★صحفي.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى