مسرح

محسن النجدي: ” أنين الحوت”.. حين تسيطر التكنولوجيا على عقولنا!

محسن النجدي ★

“مسرحية أنين” الحوت مسرحية اجتماعية رمزية دينية تدور أحداثها حول قضيتين رئيسيتين

الأولى: وهي على عهد وزمن الحسين بن علي عليه السلام، وما جرى عليه في واقعة كربلاء، حينما تواجد أصحاب الحسين،  وهم مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة

والقضية الثانية: وهي قضية على واقعنا الحالي في زمن التطور التكنولوجي الحديث والمعاصر؛ والذي يتمثل بشخصية ” فاقد الذاكرة ” وأيضاً شخصية المشلول أو ” العاجز” لاسيما بأن تلك الشخصيتين لا تجمعهما أية قرابة ، وإنما القدر قد شاء أن يكملا بعضهما بعضاً.

رمزية تلك الشخصيات كانت تعبر عن مأساة إنسانية ،  فحينما  نسلط الضوء على شخصية ” فاقد الذاكرة” نجد تلك الشخصية ؛ فاقده للهوية، وكأنها لا حاضر لها رغم كبر سنها ؛ بحيث إن لها ماضياً ؛ ولكن هذا الماضي غير مذكور، وليس له معنى ليذكر !

بالمقابل فقد الشعور؛ كان سيد الموقف … لاسيما الحالة الإنسانيه للشخصية؛ جعلت أن تقف بجانب ” المشلول” أو العليل؛ والذي يمثل فيه حال الحضارة العاجزة، أو المشلولة غير القادرة على الحركة ، رغم أنها على قيد الحياة.

اِجتماع تلك الشخصيتين في الصحراء؛  أعطت شعوراً لفاقد الذاكرة  بوحدة وعطش الحسين بن علي عليه السلام ، والتقائه بأصحاب الحسين ببصيرته لا ببصره، ومن هنا نجد المفارقة الدرامية ؛ التي جمعت القضيتين الأولى والثانية؛ بحيث نجد فاقد الذاكرة لطالما كان يسعى أن يمد يد العون، ويروي عطش الحسين ، ومن جانب آخر  لشخصية “العاجز” الذي ابتكر مشروع الحوت إلى حين أن سُرق واستغل فيه ، ليصبح ذلك الحوت من مجرد طموح وهدف إلى عدو؛  يستهدف فيه المجتمع ، فقد كان العاجز يأمل أن يصنع مجده من ذلك “الحوت “

ولكن عجزه جعل الأمر أكثر سهولة … إلى حد أن تسبب الحوت بضرر صاحبه وصانع هوكأن هنا يتبين بأن الحضارة والدين مُلك المجتمع؛ بل إنه يكمن بداخلها ؛ ولكن العدو استطاع أن يفرض كلمته وسيطرته إلى حد أن يجعلهم عاجزين لأنفسهم ، ويسرق النجاح منهم، وينسبه لنفسه، وهذا ما تمثل به ” الحوت” الذي يعبر عنه بالتطور والتكنولوجيا.

ومن جهة أخرى؛ تتضح ملامح الصراع القائم في العرض المسرحي ألا وهو ” صراع داخلي” ؛ بحيث إنه قائم مابين دوافع النفس الطيبة والصالحة ؛ مقابل النفس الخبيثة والشريرة.

أما على الرؤية الإخراجية للمسرحية، فقد نجد هناك عوامل مهمة تستوجب تسليط الضوء عليها وذكرها ، أولاً نجد عنصر الإضاءة عنصراً مهماً ورئيسياً في العرض المسرحي إلى حد كان هو محرك الحدث ؛ بحيث إنه يعبر عن حالة المشهد، وكذلك أيضاً يعبر عن الحدود؛ التي تفصل مابين زمنين منفصلين ، بحكم إن تسلسل أحداث المسرحية غير متصلة ببعضها، وإن هناك حالتين من زمن في نفس الوقت على خشبة المسرح ، وكذلك أيضاً نجد كان ديكور المسرحية اعتمد على تقنية الشاشة الذكية؛ لتسهل عملية الاندماج بالنسبة للمتلقي مع أحداث المسرحية، إلى أن نجد كسر الحاجز الرابع في المسرحيه من خلال اندماج بعض شخصيات العرض المسرحي وسط الجمهور ، كنوع من حالة دمج القضية المطروحه مع المتلقي

مسرحية أنين الحوت

تأليف أحمد محمدي ، وإخراج يوسف البغلي

من بطولة عبدالله التركماني ،  علي ششتري ، عبدالله البصيري ، رازي الشطي ، محمد الفيلي ، محمد الإستاد ، فهد الوثيقي.


★خريج قسم الأدب والنقد المسرحي -المعهد العالي. للفنون المسرحية -الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى