حوارات وتحقيقات

بدر الأستاد: حوارات على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب.

بدر الأستاد★

لاشك أن جمهورية مصر العربية، هي منبع الثقافة والحضارة، تلك الحقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها، وكانت واضحة كالشمس أثناء حضوري معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام، والذي استمتعت كثيراً بالتنقل بين أجنحته.
كان الهدف من الرحلة، هو التعرف على الاِختلافات بين معرض القاهرة الدولي للكتاب، ومعرض الكويت الدولي للكتاب، واللقاء بمجموعة من الكُتَّاب العرب عامة، والمصريين تحديداً، والتعرُّف على قضاياهم، وأفكارهم، والإشكاليات، التي يُعانون منها، فهل تختلف معاناة الكاتب من بلد إلى آخر؟! وما هي العقبات التي تواجه دور النشر في هذه الصناعة ؟
دار “بلاتينيوم بوك” كانت هناك
توجهنا لجناج دار “بلاتينيوم بوك” للنشر، وهي دار نشر كويتية، تشارك للمرة الأولى في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث التقينا بعبدالله الناصر، مسؤول مسوقين في دار “بلاتينيوم بوك”، الذي حدَّثنا عن الاِختلاف بين معرض الكويت، والقاهرة من وجهة نظره.
لايوجد اختلاف كبير، حيث القارئ واحد، سواء ذلك الذي يبحث عن الروايات، أو كتب تطوير الذات، أو الكتب العلمية، أو الدينية، ولكن ألاحظ من تجربتي مع معارض الكتب، أن الإقبال الجماهيري في المعارض الخليجية أكثر.
هل ترى أن هناك ازدياد في عدد الكُتَّاب في السنوات الماضية؟
نعم هناك ازدياد بشكل كبير، بل إن هناك أعماراً صغيرة من الشباب، ولديهم إصدارات، أحياناً أعمارهم 15 عاماً، وهنا أتمنى أن يعرف الكاتب ماذا يكتب، وما هو مناسب لأن يقدِّمه للجمهور، ويتقبَّله القارئ، ولا ينفر منه، حتى نستطيع أن نسوق له أعماله، فأنا شخصياً لا بد أن أقتنع بالكتاب، ومستواه قبل القُراء.
وحول ما إذا كان بعض الكُتَّاب يتجهون للجرأة بهدف التسويق، كان للناصر رأي في ذلك، حيث قال:
هناك كُتَّاب يكتبون بجرأة، ولكن هناك احترام بأسلوب الكتابة، ولكن يبقى جريئاً، وهناك كُتَّاب يكتبون ما يمكن أن نصنفه بالوقاحة، لا الجرأة، بهدف لفت الاِنتباه، حتى يجذب القُراء، من خلال عنوان مستفز، أو مفردات غير لائقة، ليلفت الأنظار.

عبد الله الناصر وبدر الأستاد

دار “نوفا بلس” شاركت في المعرض

ومن ثَمَّ التقينا نتال من السعودية، مُسوِّقة في دار “نوفا بلس للنشر والتوزيع” وكان السؤال الأول عن اختلاف معرض القاهرة الدولي للكتاب، عن باقي المعارض؟
-معرض القاهرة هذا العام تميَّز بالإقبال أكثر من السنوات الماضية، لأن بعد جائحة كورونا، أصبح الجمهور متشوقاً لمعارض الكتب، وبالنسبه لدار النشر، استقطبنا مجموعة من الكُتَّاب المصريين، مما جعل هناك إقبالاً على الدار في المعرض.
أما بالنسبة للِاختلاف بين الكاتب المصري والخليجي، فترى نتال أن الكاتب المصري، مهتم بالكتابة عن ثقافته وحضارته المصرية.

داخل جناح نوڤا بلس في المعرض

الكاتبة هبة بنداري، والحرية المسؤولة
ومن ثَمَّ التقينا بالكاتبة المصرية هبة بنداري، روائية، وصاحبة “دار واو للنشر والتوزيع”، التي وجَّهنا لها سؤالاً حول الصعوبات، التي تواجهها المرأة المصرية في الكتابة اليوم؟
فقالت:”المرأة تميل دائماً للتعبير عن مشاعرها، وأحاسيسها، ولكنها مُكَبَّلة بقيود المجتمع، والخجل، وأمور أخرى، فتمنعها تلك الظروف عن كتابة ما بداخلها، وأنا لا أقصد الموضوعات الخارجة عن الآداب، بل أقصد الحرية الفكرية، التي تتيح للمبدع أن يسبح في عالم الإبداع، كما أن الإشكالية الكبرى، حين يقوم القارئ بإحالة كل ما تكتبه المرأة للمجتمع، الذي تعيش فيه، فينسب لها كل ما تكتبه، فإن تناولت قصة رومانسية يعتقد الآخرون بأنها تعيش قصة حب، وإذا تحدَّثت عن الخيانة، نسب لها المجتمع ، تلك الخيانة.
ومن ثَمَّ تحدثنا عن تجربتها الشخصية، حيث لاحظنا أن الكثير من الكاتبات، لديهن خوف من المجتمع، في حين أن الكتابة تتطلب حرية، فكيف يستطيع الكاتب أن يكتب دون حرية!؟
فتحدَّثت عن ذلك قائلة: “لن أتحدثَ عن المرأة بشكل عام، سواء العربية، أو المصرية، ولكن حول تجربتي ككاتبة، أنا كسرت هذا القيد منذ زمن،لأني ترعرعت في بيت يؤمن بالحرية، ولكنها “الحرية المسؤولة”، كما أن لدي زوجي، الذي يحترم قلمي، وقلمي يجعلني دائماً أحترم عائلتي، وأبنائي، فلا يمكن أن أكتب ما أخجل منه، وباستطاعتي أن أكتب بحرية وباحترام أيضاً، فلدَيَّ كِتابٌ عبارة عن ٣٠ قصة قصيرة بعنوان “متوالية وسن” تحدَّثت عن مشاكل المرأة الشرقية، التي تخجل من الحديث عنها، وقد تم تناول تلك القضايا، دون خدش حياء القارئ، وتُرجمت في إنجلترا عام ٢٠١٩.
وفيما يتعلق بالكتاب، وكونها صاحبة دار نشر، سألنا الروائية هبة بنداري عن مدى إقبال الشباب على الكتابة؟
فأوضحت ذلك بتصنيفها للكُتَّاب الشباب، بأنهم نوعان، كُتَّاب قلمهم رائع، وقد نشرنا لمجموعة من الكتاب، أكثر من ٤٠ إصداراً على نفقة الدار، لكُتَّاب من مصر، والمغرب، والجزائر، وليبيا وغيرها من الدول العربية، وأنا شخصياً آمنت بموهبتهم وقلمهم، والنوع الثاني من الكُتَّاب، الذين يعتقدون أن الكتابة طريقهم لتكوين ثروة، فيكتبون (أي كلام تافه) وهذا النوع يسقط بشكل سريع.
وبما أن الإنسان، هو الإنسان في كل مكان وزمان، سألنا بنداري، عن الاِختلاف بين الكُتَّاب الشباب من المصريين، وغيرهم من الكُتَّاب العرب، خاصة فيما يخص القضايا التي يتبنونها، وأكدَّت بنداري أن ” القضايا واحدة؛ لكن الفرق يكمن في ثقافة الشاب الكاتب، وهذا ما لاحظته في الشباب الجزائري، والمغربي، والليبي، لديهم ثقافة عالية بالتالي مفرداتهم اللغوية، والأسلوب عالٍ جداً، وهناك أيضاً من الشباب المصريين رائعين؛ ولكن بعضهم لديه مشكلة أنه (يركب الموجة) كما نقول بالمثل الشعبي، لكن بعض الشباب العربي، أشعر بأنه ينتقي القضية، التي يريد التعبير عنها، مثال على ذلك الشاب زهير بوعزاوي، الذي صدر له أول كتاب، عبارة عن مجموعة قصصية، بعنوان “قرية أجلاموس”، الذي تناول فيها مشاكل قريته، ونشرت له رواية ثانية، اسمها “نوريتا”، وختمت بأمنية حيث قالت: “أود أن أقول بأن الشباب هم المستقبل في أي أمة، أتمنى أن يكملوا مسيرة المبدعين السابقين، بما يليق بالثقافة، والهوية العربية”.

هبة البنداري وبدر الأستاد

انتهت رحلتي في معرض القاهرة للدولي للكتاب، والتي استمتعت فيها بلقاء مجموعة مميَّزة من الكتاب، الذين تشرَّفت بمعرفتهم، ولامست قلقهم من الرقابة، وبحثهم الدائم عن الحرية، وخوفهم من المجتمع، خاصة عند تناول قضايا المرأة.
فكل الشكر إلى زميلتي الناقدة، والكاتبة الشابة شيماء مصطفى ــ سكرتير تحرير نقدX نقد ــ والتي رافقتني طوال الرحلة في المعرض

شيماء مصطفى وبدر الأستاد

ناقد-الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى