تشكيلرأي

محمد القلاف: لماذا يبقى الفن التشكيلي مغيبًا لدينا؟!

محمد القلاف ★
في صالة أحمد العدواني، حضرت معرض اِستديو 27 الفني (حوار في الفن)، وكان من ضمن الحضور، الفنانون، والأكاديميون، والمهتمون، والشخصيات الفنية، مثل د.ناصر الرفاعي، أ.شيخة سنان.

وبما أنني كنت في معرض تشكيلي؛ فقد طرأ تاريخ الفن التشكيلي منذ بداياته كالتالي:

نبذة تاريخية عن الفن التشكيلي

بعد الثورة الفرنسية عادت الكلاسيكية الجديدة آنذاك، وبعض المذاهب، أو نسميها المدارس الفنية بتنوعها، وفي القرن التاسع عشرإلى القرن العشرين بعد الحرب العالمية؛ ظهرت الرومانسية، والواقعية، والطبيعية، والسريالية، والتكعيبية، والدادية، والتفكيكية …إلخ، هنا تبنى المسرح هذه المذاهب، وكان يمارس التمثيل على غرارها.

تاريخ الفن التشكيلي في الكويت

كانت الكويت سبّاقة في الخليج العربي، وإحدى أوائل الدول العربية؛ التي ظهر فيها الفن بتنوعه، من مسرح، وسينما، وكذلك الفنون التشكيلية.

أحد رواد ومؤسسي الفن التشكيلي، كان معجب الدوسري، حيث كان له معرضه الخاص، والأول في مدرسة المباركية في سنة 1951، وهو أحد المبعوثين إلى مدرسة المعارف بالقاهرة لدراسة الفنون الزخرفية، وهنا يتبين لنا تطور التعليم، وكانت له الرعاية لهكذا معارض مع الأستاذ عبدالعزيز حسين في ثانوية الشويخ، ،وبالطبع هناك الكثير من الرواد على مر التاريخ؛ كان لهم دور كبير في الاهتمام بهذا الفن الجميل.

وبعد أن تناولنا تاريخ الفن التشكيلي؛ نعود إلى أهم النقاط التي تناولها المحاورون.

اِفتقاد الساحة إلى النقد الفني !

تم تسليط الضوء على النقد الفني، وأهميته على الساحة الفنية، خاصة أن دور الناقد مهم في تصحيح، وتطوير الأعمال الفنية، والثقافية، والارتقاء بها؛ بل إن الناقد هو حلقة الوصل مابين الفنان التشكيلي، والجمهور؛ كون الفنان ينتبه لملاحظاته؛ لتطوير نفسه، والجمهور يرتقي بالعلم والمعرفة في هذا النوع من الفنون، لهذا فإن غياب النقد سمح بوجود المجاملات، والتقييمات الانطباعية، وكثرة المديح للأعمال دون تقييم موضوعي حقيقي؛ مما سبب تراجعًا في الأعمال الفنية، هذا الشعور في غياب الناقد ليس مقتصرًا على الفن التشكيلي؛ إنما موجود في المسرح، والسينما، وغيرها من الحقول الفنية، والثقافية.

أستاذ قسم الديكور الفنان عنبر وليد متحدثًا ،ويبدو أستاذ قسم الديكور الكاتب والفنان مشعل الموسى.

يقول الفنان التشكيلي السوري بهرام حاجو (قرية ديرون – تربة سيبيي 1952): “النقد بناء على نحو دائم ، إن كان سلبًا أو إيجابًا ، فدون نقد لا يتطور الفنان ، ولا الفن، ولا أستطيع أن أرسم وحدي إن لم يكن هناك نقد، ورأي آخر تجاه لوحتي.”

أما ملك مختار ( عفرين – فنانة تشكيلية وموسيقية سورية ) فتقول “إلى جانب اللوحة ، إلى جانب العمل الفني لا بد أن يتواجد النقد ، بداية كانت اللوحة، ثم يأتي النقد ليقول كلمته”.

رواد النقد التشكيلي في الكويت

لو تساءلنا  :من هم أوائل النقد التشكيلي منذ ظهور هذا الفن  في الكويت؛ حتى يومنا هذا؟
هذا السؤال مهم للفنانين التشكيليين؛ لكي يبين لهم أهمية الناقد ودوره الفاعل في تطويرالعملية الفنية؛ بل يمنح الاستفادة من الملاحظات؛ التي يشير إليها الناقد؛ لكي يتفاداها الفنان، ويتعلم من غيره، والناقد ليس فقط يكون تشكيليًا؛ إنما كذلك الفنان  المسرحي يمكنه نقد نتاج الفن التشكيلي؛ كونه متخصصًا درس ذلك، والتاريخ حافل بالمسرحيين، وتبنيهم مدارس الفنون التشكيلية كما أشرنا في بداية مقالنا.

دعم المؤسسات الرسمية

الفنون التشكيلية ليست أقل من باقي الفنون في الساحة الفنية؛ إنما لها اهتمام وإرث كبير في البلد، لو لاحظنا تاريخيًا كانت المدارس، والمؤسسات تدعم هذا اللون من الفن؛ بل تبرزه للمتخصصين والمهتمين بقوة، ولكن هذا الدعم أصبح في تراجع كما يتردد على لسان أهل هذا الفن في لقاءاتهم، وندواتهم، والمعارض ليس لديها ترويج جيد للمجتمع كما السابق؛ لأن الاعتماد أصبح فرديًا للفنان خاصة المتطلع للشهرة، من هنا، المعارض أصبحت فقط للمشاهدة، وليس الدراسة والتحليل، والأهم من ذلك غياب الندوات فيها كما يحدث مع المسرح، أو السينما؛ التي تضم  مهرجاناتها الندوات، والمحاضرات .

هذا ما خرجنا به  من تلك الفعالية الفنية،  حيث تبادر في أذهاننا بعض التساؤلات، والملاحظات، وهي:
– لماذا لايكون لنا معاهد متخصصة بالفن التشكيلي على غرار مصر، والعراق على سبيل المثال؟
-المعهد العالي للفنون المسرحية؛ الوحيد الذي يدرس فيه جانب من  الفنون التشكيلية من خلال قسم الديكور؛ لكنه لا يشكل منهجًا أوسنوات تخصص في الفن التشكيلي تحديدًا؟ وما يسري على المعهد؛ يسري على التعليم التطبيقي في قسم التربية الفنية؛ كونه في موقعهم الرسمي؛ يتبين وجود مادة واحدة لتدريس الفن التشكيلي حسب ما نعتقد؛ إلا إذا كان هناك  ما لم نُحِطْ به علمًا في هذا المجال .

لذلك نعتقد أننا نحتاج إلى وجود معهد متخصص لهذا الفن الراقي، والذي لا يقل أهمية عن باقي التخصصات، كما أن  على المؤسسات دعم المعارض، وعمل محاضرات، وندوات، وحوارات في كل موسم، وذكر روادها مثلما يحدث في مجال المسرح، وعلى الفنانين التشكيليين يقع عبء تطوير عملهم، والاستماع للنقد الموجه لهم، والاعتماد على تسويق أنفسهم دون الاعتماد الدائم على المؤسسات الرسمية، ففي هذا الزمن أصبح للسوشيال ميديا دورٌ كبيرٌ في نشر الأعمال الفنية، والثقافية كالفنون التشكيلية، والمسرحية، والسينمائية، وهذا ما نراه في الدول المتقدمة.


★ناقد-الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى