أخبار ومتابعات

الدراما التلفزيونية في مرمى الملتقى

متابعة: بدر الأستاد، يوسف العصفور

في أمسية مميزة أقامها الملتقي الثقافي، الذي يديره الكاتب طالب الرفاعي في الموسم الحادي عشر، تحدث كل من الناقد فهد الهندال، والناقدة ليلى أحمد، في ندوة حملت عنوان (الدراما التلفزيونية الكويتية) حيث أدارت الحوار هديل الحساوي.

حضر الأمسية مجموعة من المهتمين بالدراما والشأن الثقافي، منهم الفنان جاسم النبهان، والكاتبة ليلى العثمان، والناقد والكاتب علاء الجابر، وأستاذ الديكور في المعهد العالي للفنون المسرحية د. خليفة الهاجري، والقاصَّة جميلة سيد علي، ورسام الكاريكاتير عبد الوهاب العوضي، وأستاذة الهندسة بجامعة الكويت د. ريم البغلي، والكاتب محمد جواد، والمخرج السينمائي داود شعيل، ونخبة من المثقفين، والإعلاميين، والمهتمين بالشأن الثقافي.

 تطرقت الندوة لأسباب التراجع في الدراما الكويتية، وذلك من خلال مجموعة من وجهات النظر، فذكرت الناقدة ليلى أحمد، أن السبب يعود إلى الرقابة، وضعف اختيارات شركات الإنتاج، وسوء اختيار النصوص، وفي المقابل فإن المنصات الإلكترونية، تجاوزت الرقابة، واستطاعت أن تقدم أعمالها بعيداً عن الرقابة، وأكدت أن الحل يكمن في تشجيع الشباب الموهوبين، وفتح المجالات أمامهم، لطرح الأفكار الجديدة المتميزة، وطرحت مثالاً لذلك، بمنصة شاشا، والعمل الذي قدم من خلالها، ولاقى نجاحاً (تقدير الاحتياج).

هديل الحساوي،طالب الرفاعي،ليلى أحمد، فهد الهندال

أما الناقد فهد الهندال، فتطرق إلى اختيار المنتجين للمشاهير أصحاب الأرقام العالية من المتابعين، ومسألة خلق الإثارة، وضرب مثلاً على  أحد الأعمال المحلية، حول مشهد قياس الوزن، على رغم من أنه واقعي، لكن القصد منه، كان البحث عن (الترند) كما طرح النقاش حول المواضيع الذي يتم اختيارها، فرغم أن هناك عدة مشاكل اجتماعية، لم تلفت إليها الدراما كالمشاكل الاجتماعية والسكن، وأشار إلى بعض الأعمال التي طرحتها الدراما القطرية، من خلال الكاتبة وداد الكواري حول مشكلة السكن، والاستفادة من القضايا المحلية، كما في مسلسل رشاش السعودي.

تم طرح سؤال من قبل الكاتب طالب الرفاعي، للفنان جاسم النبهان حول رأيه في الدراما الكويتية وتراجعها، فأشار إلى غياب دور الإعلام، ودعمها للأعمال الفنية، وأنها ليست كما السابق، فالأعمال الخالدة سواء أكانت تراثية، أم اجتماعية، سابقاً كانت بسبب الدعم المقدم من قبل وزارة الإعلام، وكما ذكر النبهان أن المراقبة سابقاً، كانت تتم من خلال أسماء مبدعين، أما اليوم فقد تحولت غالباً الى أسماء ليس لها أي علاقة بالإبداع، بل لا تتعدى دور الموظف.

ومن خلال الحديث حول دعم وزارة الإعلام للدراما، وأيضاً للبرامج الثقافية، تمت الإشادة بتجربة برنامج (اِفتح يا سمسم)، وأشار الهندال بأن الوزارة يمكن اليوم، أن تصرف ميزانية قد تكون ضخمة، لعمل برامج الطبخ، ولا يتم الالتفات للدراما، أو البرامج الثقافية، حيث أيده الفنان جاسم النبهان، وذكر مثالاً حول قناة اليمن السعيدة، التي ورغم ضعف الإمكانيات، فإنها تبث برامج ثقافية جميلة.

وأضاف النبهان بأن من أسباب تراجع الدراما الكويتية، طرح أسماء معينة للعمل، لأخذ الموافقات عليها، وحين يبدأ العمل تفاجأ، بأن هناك أسماء أقل مستوى، ظهرت بالعمل بدلاً عن الأسماء الأولى المقترحة، كما تتراجع الدراما بسبب فرض بعض القنوات، لأسماء بعض الممثلين، حتى وإن كان بعضهم غير صالح للدور، ومع ذلك يتم فرض اسمه على العمل،   كما أظهر استياءه من كثرة عمليات التجميل، التي تعيب الدراما في المنطقة، حيث ذكر واقعة حصلت معه شخصياً، في أحد مواقع التصوير، حيث كانت هناك ممثلة أدّت دور ابنة له في المسلسل، وحين تم استكمال المشهد في يوم آخر، ظهرت الممثلة بصورة، لا تشبه من كانت ابنته في المشهد السابق، حيث كانت قد حقنت وجهها ببعض المواد التجميلية، فظهر شكلها مختلفاً، عن الجزء الأول من المشهد.

الناقدة ليلى أحمد تحدثت عن النصوص المختارة لهذا العام، من قبل الفنانة سعاد عبد الله، والفنانة حياة الفهد، وأشارت إلى أنها لم تكن نصوصاً موفقة، واستغربت اختيار النجمتين لتلك النصوص.

الروائية ليلى العثمان أكدت على ضعف الدراما الكويتية الحالية، وأنها لم تعد تتابعها، كما بينت أهمية اختيار النص، وخاصة من خلال الروايات الجيدة الكثيرة للكُتَّاب في الكويت، التي يمكن أن تتحول إلى أعمال ناجحة، وذكرت بأنها سبق أن قدمت بعض رواياتها، للفنانة سعاد عبد الله، والمخرج محمد دحام الشمري من قبل، ولكن لم يتم التواصل معها إلى يومنا هذا…!!

جانب من حضور الندوة

الأديب طالب الرفاعي سأل الناقد علاء الجابر، حول رأيه في الموضوع، فأشار إلى أن هناك أموراً كثيرة، قد يكون لها أثر في إخفاق بعض الأعمال، ومنها دور النقد الذي غاب الى حد كبير عن الساحة، إلا من لمحات هنا وهناك، بحيث لم يعد المنتج أو الفنان، يحسب حساب المتابعة النقدية الصارمة، كما يحدث مثلاً في مصر، حيث لا يتوانى النقاد من قول رأيهم بجرأة في الأعمال المقدمة، حتى وإن حملت أسماء كبار النجوم والمخرجين، مما يجعل صناع العمل، يفكرون ملياً قبل الإقدام على أي عمل جديد، كما أن غياب النجم والمخرج عن الندوات التطبيقية، والندوات الفنية، وتعاليهما عن سماع الرأي الاخر، ساهم بهذه الاخفاقات، وكأنهما يوصلان رسالة للنقاد مفادها “قولوا ما تشاؤون، وسنفعل ما نشاء” وأشار إلى الندوات العديدة، التي قُدِّمَتْ لنقد الدراما، وغياب أغلب العاملين فيها كما في ندوة اليوم، التي لم يحضرها إلا الفنان جاسم النبهان.

كما ذكر الجابر بأن من أسباب هذا التراجع قضية (الرزقة) التي يشير بها بعض الفنانين حين اشتراكهم بعمل متواضع، بأن ذلك رزق لا يمكن أن يرفضوه، حتى لو كان العمل ضعيفاً، وبين أنه حين يصبح الفن طريقاً وحيداً للقمة العيش، دون النظر لمستوى ما يقدم، فهنا تكمن الخطورة.

وأشاد الجابر بجرأة ما يطرح في الدراما السعودية، وضرب مثالاً حول مسلسل طاش ما طاش العودة، الذي قدم قضايا جريئة، حتى وإن اختلفنا مع بعضها، أو اختلف البعض مع طريقة تقديمها، وأيده الأستاذ فهد الهندال حول نهوض الدراما السعودية، وكيف تم تقديم مسلسل رشاش الذي استند على قصة حقيقية.

وحظيت الندوة بمجموعة أخرى من المداخلات الساخنة، فأشار الدكتور خليفة الهاجري كمتخصص في السينوغرافيا، إلى أهمية الصورة في الدراما، وبين أن الصورة التي تقدمها تلك الاعمال، أصبحت صورة مشوهة، أو بعيدة عن اهتمام صناع العمل، ذاكراً أنه لم يعد يتابع تلك الأعمال، حتى يحافظ على الصور الفنية العالية المخزونة في ذاكرته، من أعمال عظيمة سابقة.

اما الناقد يوسف العصفور، فذكر بأن أحد أسباب تراجع الدراما هو برامج التواصل الاجتماعي، ومنها (تويتر) الذي أصبح ذا قوة تأثير كبيرة على الرأي المجتمعي، وخاصة أنه يروج للأعمال الفنية، وله دور كبير في منع العروض، كما حدث في مسلسل السجين النصاب، فرغم واقعية العمل إلا أن وسائل التواصل، اِستطاعت التأثير على وزارة الاعلام، وصولاً إلى منع العمل.

مجموعة من الحضور

أما القاصَّة جميلة سيد علي، فنوهت إلى العلاقة بين الدراما الكويتية، ونتفليكس، مشيرة إلى مسلسل الصفقة.

وذكر الناقد بدر الأستاد، رأيه في أسباب تراجع الدراما الكويتية، هو بأن الكاتب أصبح خارج مسار الواقع المعاش، حيث يطرح قضايا لا تمس هذا الواقع، وإن عدم وجود ورش درامية، تقدم النص المؤهل للعمل، قبل تصويره من جميع النواحي، سواء كنص، أو ممثل ساهم في هذا الانحدار.

الأمسية التي تابعناها في ملتقى طالب الرفاعي، حول الدراما التلفزيونية الكويتية، كانت أمسية جميلة، حيث تم فيها تبادل الأفكار من جميع الخبرات والفئات العمرية، كما تم فيها الاستماع إلى طروحات جديدة، وكانت حقيقة أشبه بالجلسة العائلية الماتعة، التي زينتها الناقدة ليلى أحمد، بروحها المرحة، وأسلوبها الكوميدي الذي أضفى على الأمسية جواً من الألفة والمرح، وختمها الأديب طالب الرفاعي، وزوجته د. شروق الصوان بالكرم وحسن الضيافة.

كل الشكر للأستاذة الناقدة ليلى أحمد، والأستاذ الناقد فهد الهندال على الدعوة الكريمة، لهذا الملتقى الثقافي، وتحفيز الشباب للمشاركة بآرائهم.

في الختام كل الشكر والتقدير للأستاذ طالب الرفاعي، على هذه البادرة الطيبة بعمل أمسية نقاشية، تجمع بين الرواد، ومن لديهم خبرة في هذا المجال، وأيضا الالتفات للآراء الشبابية والإصغاء لها، وعلى الرغم أن الأمسية، كانت بها أراء سلبية كثيرة حول الدراما الكويتية، إلا أنها كانت جميلة لنا على الجانب الشخصي، حيث كانت هناك أحاديث جانبية مع الأستاذ طالب الرفاعي، حول آخر أعماله، والاطلاع على مكتبته الخاصة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى