فنون وآداب اخرى

منى علي: كيف نجذب القراء؟

نحن نحيا في عصر الملتيميديا

منى علي★

هل أصبح من الضرورة دمج التقنيات الرقمية الحديثة، والتي أصبحت تفرض نفسها على كل تفاصيل الحياة الآن بالأدب، حيث يجعله ذلك، يتضمن أشكالاً حديثة من الإبداع، فلا تعود فقط  الكلمة، هي المكون الأساسي والوحيد للرواية، والقصة، والمسرحية، وغيرها من الأشكال الأدبية، وإنما يحدث ثراء للمكونات الأدبية، لتصبح تشتمل على أدوات جديدة، توسع دائرة المضامين، وتفتح آفاقاً جديدة للخيال الأدبي، ليحلق في سموات جديدة، لم يصل إليها بَعْدُ الأدب بشكله التقليدي، الذي يعتمد فيه على الكلمة، كأداة وحيدة، وواحدة في صياغته للأفكار، التي يريد الأديب تقديمها.

فمن خلال ما تتمتع به الآلة من إمكانيات، يمكننا أن ننتج أدباً أفضل، يحتوي على  المقاطع الموسيقية، والصوتية والتمثيلية، وعلى اللوحات التشكيلية، وغيرها من الأشكال التعبيرية، التي تجعلنا قادرين على إنتاج أدبٍ مختلف عما كان في السابق، أدبٍ يتوافق مع مقتضيات العصر، الذي نعيشه الآن، فيستطيع جذب القراء، ومنافسة الأشكال الحديثة للتعبير عن النفس والفنون، التي قد تصرف الجمهور عن فعل القراءة، نظراً لعدم مسايرته لروح العصر، التي تميل نحو المتعة البصرية، وفنون الصورة، فنحن نحيا عصر الملتيميديا (الوسائط المتعددة)  فمثلاً دمج التقنيات الرقمية في الأدب، سيتيح نطق الكلمات بنبرات معينة، ولهجات مختلفة، مع وجود تأثيرات ضوئية، تتوهج في مقاطع بعينها، من الرواية أو القصة، إلى غير ذلك، مما قد يصلح أن نطلق عليه، دور الآلة المساعد في عملية الإبداع، لننتج أدباً أفضل، يشتمل على أجناس أكثر تنوعاً، ويتغير شكل النوع الأدبي، فتصبح القصة تضم داخلها القصيدة، والمسرحية، والموسيقى، والمقاطع المصورة (الدراما) في آن واحد، ويتم تجاوز البناء التقليدي لكل جنس أدبي، بالمعنى المتعارف عليه حالياً، ويتم تخطي الطبيعة النوعية للأشكال والأجناس الأدبية، فلن يكون هناك تمايز بين الأجناس الأدبية، والأشكال الفنية المختلفة كما هو الحال الآن، وتأتى تلك الفكرة ربما عن شعور بعجز الكلمة في مواجهة ومجاراة وسائل التعبير الحديثة، كما أنه سينتج عن ذلك إزالة العقبات أمام المبدعين، فلا دور نشر ولا لجان متخصصة، تعبر خلالها الأعمال الأدبية، فالباب مفتوح أمام الجميع لنشر انتاجه، وكل أديب هو دار النشر الذي يقوم على توزيع وتسويق منتجه الأدبي إلى جميع أنحاء العالم.

وهنا لا نتحدث عن الأدب التفاعلي الذي يقوم فيه القارئ بدور، وإنما عن أدب الكاتب الذي يمارس فيه سلطته كاملة بإنشاء عمله من البداية وحتى النهاية، ويكون الاختلاف هو وسيط النشر، وبالطبع سيتحتم على الكاتب الذي يريد خوض غمار تلك المغامرة الأدبية، تسليح نفسه بالمعارف التقنية اللازمة، لتضمين عمله وسائط رقمية متعددة، كأن يكون على دراية ببرامج الجرافيك، وبرامج المونتاج ، ولغات البرمجة، وغيرها من الأدوات، التي تمكنه من امتلاك زمام أمور منتجه الأدبي، ويمكن تسمية ذلك الابتكار الحديث بمسمى آخر غير الأدب، ولا يطلق على شعره قصائد، ربما تأخذ اسماً جديداً، ولكن ما يهم هو أن ينجح ذلك الفاعل الثقافي الجديد، في جذب جمهور والتأثير فيه، والانتشار على نطاق واسع في الحقول المعرفية الأخرى، فهل يمكن أن تكون تلك الفكرة واحدة ضمن مخططات التنمية الثقافية في المنطقة العربية، لتحويل اهتمامات الإنسان بعالمنا العربي إلى تكوين ثقافته ووعيه، وبإن يذهب بنفسه للمصادر، ولا ينتظر إيجازاً لها في عدد من السطور على المواقع الإلكترونية، أو في القنوات الفضائية.

المبدع اليوم يجب أن يمتلك الخيال والمعرفة على حد سواء، وعليه البحث عن أشكال تعبيرية أكثر جاذبية، فروح العصر، تقتضي على المبدع خلق أشكال جديدة للإبداع في ظل المنافسة الشرسة، التي نحياها الآن من وسائل مختلفة ومتعددة للإعلام والاتصالات، تسلب وقت الإنسان، وتجعله ينصرف عن إشباع عقله بملذات معرفية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

★ كاتبة ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى