أخبار ومتابعات

“المونودراما العربية المعاصرة” من منظور صفاء البيلي.

ضمن مجموعة الإصدارات الجديدة لمهرجان الفجيرة  الدولي للمونودراما -للدورة الحادية عشرة 2025 ، شهد مقر الندوات ، توقيع الإصدار الجديد للباحثة والكاتبة المسرحية صفاء البيلي ، والذي جاء بعنوان ” المونودراما العربية المعاصرة ‘- قراءة ثقافية ـ

لماذا يحجمون عنها؟


يتكون كتاب المونودراما العربية المعاصرة من مقدمة ترصد الأسباب التي دعت لانتشار فن المونودراما عموماً بوصفها نمطاً مسرحياً له تقاليده وسماته الخاصة، بعدما كانت تقدم على هوامش الفعاليات المسرحية المختلفة، ولم يكن الإقبال شديداً على مشاهدة العروض المونودرامية في مقابل العروض المسرحية متعددة الشخصيات مما جعل الكتاب يحجمون عن كتابتها، كونها لا تدر عليهم مقابلاً مادياً كالنصوص المسرحية متعددة الشخصيات.

صفاء البيلي محاطة بالناقدات المنصور والدعاس والأسدي وأيمن

كيف تصنع مونودراما ناجحة؟


تطرح البيلي في مقدمتها عدة تساؤلات على من تقع مسئولية أحادية الشخصية في النص المونودرامي، هل تقع على الكاتب بوصفه صانعاً للشخصية ومبدعاً لها من العدم من خلال ما يتولد عنها من شخصيات تأتي نتاج تفاعل هذه الشخصية الرئيسية وتتحاور معها؟ أم أنها تلك الشخصية الواحدة الساكنة التي تظل طوال وجودها على خشبة المسرح في حالة بوح دائم، وحكي عن دواخلها فقط أو شخصيات تداخلت معها وليس عن شخصيات عايشتها وتشعبت وخرجت من جوانياتها؟ أم تقع تلك المسئولية على الممثل أم المخرج؟ وتجيب البيلي  بأن صانع النص/ المؤلف هو المسئول وهنا يأتي السؤل الأكثر أهمية: ما هي الأدوات التي تجعل المؤلف يصنع نصا المونودراما ديناميكياً حيوياً متعدداً في شخصياته على الرغم من كونه بنائياً شخصية واحدة تتحرك على خشبة المسرح؟


ما الفرق بين المونولوج والمونودراما؟

تناولت  المؤلفة في الفصل الأول نشأة المونودراما وبنيتها وتطورها، وبدايات ظهورها في المسرح العربي.. مع ذكرها لأهم  خصائص النص المونودرامي، وتصنيفات المونودراما و بيان أوجه التشابه والاختلاف بين (المونولوج والمونودراما) حيث يتم الخلط بينهما وخاصة بين شباب المسرحيين.

 

تمازج الأصوات


يأتي الفصل الثاني، بعنوان: (المونودراما العربية بين البوليفونية والمونوفونية) وفيه تناولت فيه المؤلفة تعريف البوليفونية (polyphony) والتي هى في الأصل مصطلح موسيقي قبل أن يكون مصطلحاً أدبياً، والبوليفونية في الموسيقى يُقصد بها:(موسيقى حيث تصدر نغمتان أو أكثر في نفس الوقت) أما البوليفونية أو تعدد الأصوات في النص الأدبي فهي: (حضور أكثر من صوت في النص الواحد، كما الشأن في الاحتفالات المرفعية والتظاهرات الشعبية، حيث تتمازج الأصوات لتشكل ما يشبه الاستعراض الصوتي).
ثم استعرضت المؤلفة.. البوليفونية كبديل عن الشخصيات المتعددة.. والتي تطرح إشكالية اللاتجانس الخطابي، وأول من جاء بها باختين، من خلال أعماله المتعلقة بالأدب، خاصة روايات دوستوفسكي، التي تتوافر فيها مجموعة من الأصوات، مع التكافؤ فيما بينها.
ثم استعرضت المؤلفة (التأثير الانفعالي والوجداني للبوليفونية في الأدب) حيث أن النصوص (البوليفونية) تقدم عصارتها الإبداعية وأطروحتها المرجعية عبر أصوات متعددة؛ وهذا ما يجعل القارئ الضمني الواعي يختار بكل حرية الموقف المناسب، ويرتضي المنظور الإيديولوجي الذي يلائمه ويوافقه، دون أن يكون مستلبًا أو مخدوعًا من قِبَلِ السارد أو الكاتب أو الشخصية على حدٍ سواء، وهذا يعني أن (البوليفونية) مختلفة أيّما اختلاف عن(المنولوجية) أحادية الراوي، والموقف، واللغة، والأسلوب، والمنظور، وذلك بوجود تعددية حوارية حقيقية على مستوى السراد، والصيغ، والشخصيات، والقراء، والمواقف الإيديولوجية.

مونودراما “الطريقة المضمونة للتخلص من البقع” لرشا عبد المنعم


كما أشارت المؤلفة إلى مدى انتشار الكتابة البوليفونية(Polyphone). التي تطورت فظهر ما يسمى بالبوليفونية الجديدة. أو(البوليفونية الوثائقية) التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين عند عدد من الكتاب البيلاروس، وجعلت الرواية أشبه بجوقة درامية جبارة لأصوات متعددة، يختفي فيها صوت المؤلف أو الراوي وتحل محله أصوات الناس.

“ذاكرة الوجع والمسرة” لفيصل جواد

معايير اختيار النماذج


في الفصل الثالث  (قراءة في المونودراما العربية)، وفيه ذكرت المؤلفة معايير اختيار النصوص التي تم الاشتغال عليها في الدراسة، ثم قدمت  قراءة تحليلية لهذه النصوص وفقا لنتائج مجموعة الاستمارات التي صممتها بطريقة أكاديمية، لتوفير بيئة قياسية عادلة  .  
غطت النصوص قيد الدراسة ، وعددها خمسة عشر نصاً مونودرامياً ، الفترة الزمنية من 2007 م حتى 2017 م . حصل اثنا عشر نصاً منها على جائزة الفجيرة للمونودراما والتي تعد أكبر جائزة في تأليف المونودراما عربيا؛ بل عالميا..  كما نشرت النصوص الفائزة في مجموعات عن هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام وهو ما يشير بوضوح إلى تحقيق تلك النصوص المختارة لاشتراطات التحليل الفنى للأعمال.

النصوص موضع الدراسة


تضمن الكتاب ثلاثة نصوص لمؤلفات (العازفة ـ الطريقة المضمونة للتخلص من البقع ومدن الكرتون). وأربعة نصوص لكتاب عراقيين  (موتى بلا تاريخ – ذاكرة الوجع والمسرة – جوف الحوت – العد العكسى لخنجر) ، يليها ثلاثة نصوص (البرواز – الطريقة المضمونة للتخلص من البقع – انتظار) ألفها كتاب مصريون بينما مثل نصان (باي باي جيلو – الرحلة الأخيرة) المسرح المغربى و نصا ( البحث عن عزيزة سليمان – مرثية الوتر الخامس) المسرح الأردني في حين مثّل نص واحد فقط كلًا من (السعودية ـ العازفة) ، (سوريا ـ جلجامش في حذاء رياضي) ، (الجزائر ـ مدن الكرتون) و(فلسطين ـ سأموت في المنفى ــ بدل فاقد) . وترى المؤلفة أن انتشار كتابات المونودراما في دول مثل العراق ومصر ربما يعود إلى تجذر تقاليد الكتابة المسرحية في هاتين الدولتين اللتين تعدان من كبريات الدول العربية في مجال المسرح .

مونودراما “سأموت في المنفى ” لغنام غنام

تحليل النصوص


أما الفصل الرابع.. فينقسم إلى قسمين، القسم الأول بعنوان: (البوليفونية وكتابات المونودراما العربية المعاصرة) تضمن مجموعة من الملاحظات الختامية عن البوليفونية، وكتابات المونودراما العربية المعاصرة، والخصائص الفنية للمونودراما البوليفونية وكذلك ملاحظات حول نتائج التحليل النصوص والتي تضمنت عناصر: (الزمن، الإرشادات المسرحية، الشخصية، السينوغرافيا، أنساق اللغة السرد، الحدث المسرحي، الصراع، التهجين).
وتضمن القسم الثاني من الفصل الرابع التحليل البليوفوني الكامل لثلاثة نصوص مونودرامية وهى: (باي باي جيلو، الطريقة المضمونة للقضاء على البقع ، وموتى بلا قبور)
وجاءت الخاتمة لتؤكد أن ثمة تطور واضح في مسار الكتابة المسرحية العربية بوجه عام وكتابة المونودراما على وجه الخصوص.


مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى