الدعاس: لا بد من صناعة جيل نقدي جديد .
القعود: الدعاس قيمة إنسانية.
الكويت خاص: نقد X نقد
في أمسية فنية، تميّزت بتفاعل الجمهور، أقامت جميعة الفنانيين الكويتيين، يوم الأربعاء الموافق الثاني والعشرين من نوفمبر، ندوة بعنوان (النقد المسرحي في الكويت)، للكاتبة والناقدة الدكتورة سعداء الدعاس، الأستاذ المشارك في قسم النقد والأدب المسرحي، في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، قدّمها عضو رابطة الأدباء الكاتب فهد القعود، الحاصل على عدة جوائز في القصة القصيرة.
القعود : قيمة أدبية أتطلع إليها .
بدأ القعود بتقديم الدعاس بأسلوب أدبي مغاير عن المعتاد، لاقى استحسان الحضور، حيث قال: “سعيد بأن أكون متواجداً بينكم اليوم، لأول مرة في جمعية الفنانيين الكويتيين، مع الضيفة العزيزة، د. سعداء، أتيت اليوم لأنها المرة الأولى لي في هذه الجمعية، وبين هذا الحضور الجميل، ولأن الضيفة اليوم، ليست مجرد قيمة أكاديمية، كونها (حاصلة على دكتوراه في فلسفة الفنون، وأستاذ مشارك في قسم النقد والأدب المسرحي، بالمعهد العالي للفنون المسرحية) أو نقدية، كونها (حاصلة على جائزة الدولة التشجيعية في الدراسات النقدية).. أنا أعرف الدكتورة سعداء ، كقيمة أدبية أتطلع إليها، كونها(حاصلة على جائزة الدولة التشجيعية، في الرواية والنص المسرحي، كما أنها حاصلة على جائزة نازك الملائكة، وجائزة إحسان عبد القدوس، وميدالية طه حسين في القصة القصيرة، وهو المجال الذي أكتب فيه، وأحب.. لها عدة إصدارات..وأخرجت للمسرح، وتُرجمت قصصها، للغات أخرى)، وكذلك وهو الأهم، أني أقدرها كقيمة إنسانية، إلا أنها للأسف لم تحصل على جائزة الدولة التشجيعية في هذا المجال بعد، وأقصد به المجال الإنساني .. بل حصلت عليها من الأشخاص، الذين يتعاملون معها.. أذكر حين كنت مشرفاً على منتدى المبدعين، في رابطة الأدباء الكويتيين.. قد حضرت الدكتورة سعداء المنتدى، وساهمت في توجيه الكتّاب، ونقد قصصهم، ليس ذلك فحسب ؛ بل تعدى الأمر، إلى أنها طلبت ممن يحب أن يرسل نصه عبر البريد الإلكتروني، ألا يتردد، وتناولت كل نص أُرسل إليها بالنقد، والتوجيه الدقيق.. دون إعلان.. ودون مقابل .. ودون معرفة أحد، من هذا المنطلق، أتحدث عن تلك القيمة الإنسانية، التي أقدرها أيما تقدير”.
وطرح القعود عدة تساؤلات خاصة بموضوع الندوة، حول بدايات النقد المسرحي في الكويت، وآلياته، وأبرز المحطات النقدية، وأهم الأسماء، وبالتوقف مع الجيل الجديد من النقاد، ثُمَّ اختتم كلمته قائلاً: “أعزائي، هذا المساء حديثنا سيكون عن النقد المسرحي في الكويت .. أترك المجال الآن، للدكتورة سعداء الدعاس، مستمعاً ومصغياً معكم، فلتتفضل”.
الدعاس : تلك هي البداية .. ذلك هو مسار النقد في الكويت
بتلك الجملة التي اختتم بها القعود مقدمته المغايرة، اِنطلقت د. سعداء في حديثها، قائلة:
“شكراً لأخي فهد، على هذا التقديم المميز، والذي فاجأني في إشارته لموضوع منتدى المبدعين، ما أجمل أن نبقى في ذاكرة الآخرين، وهذا ما يسعى له كل مسرحي، وكل فنان حقيقي، أن يبقى في ذاكرة الآخرين”
ومن ثَمَّ تناولت محاور الندوة، حيث تحدثت عن بدايات النقد المسرحي في الكويت، قائلة: “عرفت الحركة المسرحية الكويتية النقد بعد سنوات، من بدء أول تجربة مسرحية، في بدايات القرن العشرين، وذلك من خلال مجلتَي البعثة والرائد، وكانت الكتابات في تلك الفترة، تهتم بالجانب التوثيقي البحت.
وأردفت : وبعد سنوات بدأ الِاهتمام بالنص المسرحي، والتعامل مع المنجز المسرحي، باعتباره مادة أدبية، يتم تحليلها على مستوى اللغة والخطاب، دون أي اهتمام ببقية عناصر العرض المسرحي، وظل الجانب التوثيقي، هو المسيطر بأقلام مهمة، مثل د. خالد سعود الزيد، ود. خليفة الوقيان، ود. سليمان الشطي، ود. محمد حسن عبد الله، وصالح الغريب، الذي أنتج عشرات الكتب، وجميع تلك الإصدارات، شكلت أرضية صلبة، لكل من يرغب بدراسة الحركة المسرحية الكويتية.
وفيما يتعلق بأهم المحطات النقدية، في الحركة المسرحية الكويتية، وأبرز الأسماء، أشارت الدعاس إلى أن فترة التسعينيات، تُشكل أنشط محطة للنقد المسرحي في الكويت، حيث كانت الصحافة الفنية في أوجها، مواكبة للعروض المسرحية، بمقالات جريئة، ومتباينة على مستوى الرأي، وليس كما يحدث الآن، حيث تتشابه الكثير من المقالات، وأحياناً نراها نسخة عن بعضها البعض، وتوقفت الدعاس عند أبرز الأسماء في تلك الفترة، مثل: ليلى أحمد، علاء الجابر، جهاد أيوب، وفادي عبدالله، وعبدالستار ناجي، وقاسم دشتي، الذي قام بتغيير مساره بعد ذلك، وابتعد عن الصحافة، وحسن علي علي رحمه الله.
ثم تطرقت الدعاس لقسم النقد الأدب المسرحي، الذي خرّج ما يقارب 480 طالباً وطالبة، ولكن المخرَجات لا علاقة لها بالقسم، باستثناء تجارب جداً محدودة في مجال الكتابة، أو في مجال النقد، وضربت الدعاس مثالاً على ذلك بالناقدة ليلى أحمد، التي ترى أنها تتنفس النقد، منذ أن تخرجت من القسم إلى اليوم.
أما الجيل النقدي الجديد، فأكّدت الدعاس أن الحركة النقدية، تراجعت مع بداية الألفية الجديدة، وبعد إصدار كتاب ببليوغرافيا المشاريع، الذي أكّد على توجه مخرَجات قسم النقد والأدب المسرحي، للعمل في مجالات، لا علاقة لها بالنقد أو الكتابة، أدركت الدعاس ضرورة صناعة جيل نقدي جديد، فكان ذلك من خلال تشجيع الطلبة على الكتابة والنشر، خاصة في مجلة نقد x نقد، التي يرأس تحريرها الكاتب والناقد علاء الجابر، والتي باتت منصة للشباب المسرحي، أينما كان.
ليلى أحمد : لماذا لم تشكل الأقلام النقدية في الكويت، تجربة نقد واعٍ؟!
بعد استعراض مجموعة من مقالات النقاد الشباب، الذين تم تشجيعهم على الكتابة والنشر، ومن ثَمَّ فتح باب النقاش، حيث شارك معظم الحضور في الحوار، وجاءت المداخلات على النحو التالي:
البداية كانت مع الناقدة ليلى أحمد، التي تحدثت عن تجربة مؤتمر النقد في الرياض، الذي حضرته بدعوة من المؤتمر، وأبدت إعجابها بالتجربة، وقارنتها بالتجربة الكويتية، والتي يعيبها – من وجهة نظر الناقدة ليلى أحمد- أن أبناءها لازالوا يعيشون في فقاعة التاريخ والتأسيس، فرغم أهمية هذا التاريخ، وكونه يشكل مصدر فخر لأبنائه، إلا أن المشكلة تكمن في عدم تجاوزه، وتساءلت ليلى أحمد موجهة كلامها للدعاس: بما أن تجربة التسعينيات في الصحافة الكويتية، هي الأهم في النقد المسرحي، من وجهة نظركِ، لماذا لم تشكل تلك الأقلام، تياراً نقدياً واعياً؟!
أجابت د. سعداء بالآتي: “سؤال جميل ومؤلم في نفس الوقت، وأتصور أن السبب يحتاج لدراسة وبحث، ولكن مبدئياً، أعتقد أنه يعود لسببين:
الأول: خاص بأن المجموعة ذاتها، التي شكلت مرحلة التسعينيات، هي ذاتها سمحت بوجود فجوات، خاصة بعض من التابعة لمهرجانات المجلس، والجهات الحكومية، فأثر ذلك على مستوى النقد، وبدلاً من أن تكون المجموعة صفاً متراصاً، أصبح هناك فجوات أدت للخلل.
السبب الثاني: العنصرية، التي أعتقد أنها جديدة على مجتمعنا، الذي كان متحاباً منفتحاً على كل الثقافات والفئات، فكنا في قاعة الدرس من كل الجنسيات، أما الآن، فإن العنصرية، أدت لتقوقعنا على ذواتنا، وبالتالي تم طرد الطاقات المميزة، وتحولنا من وسط مسرحي إلى وسط (خطـَابات).
سؤالنا الأول: “من ولده ومن بنته؟!” رغم أن الفن لا يعرف جنسية، ولكن للأسف إلى الآن، نقرأ تغريدات عنصرية، ضد صحفيين من غير محددي الجنسية، تُحرض عليهم بحجة أنهم ليسوا أبناء البلد، رغم أنهم يعيشون بيننا، ومعنا منذ سنوات طويلة؛ وهذا ما يجعلنا نستحضر دائما الفنان فؤاد الشطي، كونه تميز بأفقه الواسع، ونظرته للفنان والمثقف، بعيداً عن جنسيته، فالفن بالنسبة له لا تحده حدود، لذلك كانت تجربته في إدارة مهرجانات المسرح في الكويت، هي الأنجح.
أحمد الشطي : تراجع المنجز الفني، فتراجع النقد ؟!
ثُمَّ شارك المخرج أحمد الشطي بالتعقيب، حيث توجه بالشكر لجمعية الفنانين، على إقامة مثل هذه الندوات، واتفق مع الناقدة ليلى أحمد، فيما ذهبت إليه من الردة النقدية، التي حدثت بعد التسعينيات، ولكنه أكّد بأنه لا يُحَمِّل الناقد المسؤولية، لأنه يؤمن بأن الناقد، يحتاج إلى مادة خام، ليشتغل عليها، وبما أن المنجز الفني بالكامل قد تراجع، فلا بد من أن يتراجع المنجز النقدي، وحَمَّل الشطي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مسؤولية هذه الردة، رغم احترامه الشخصي، لكل المسؤولين في المجلس، وأكد الشطي أنه يتلمس الخير في طلبة د. سعداء، ووجه لهم كلمة تشجيع، مطالباً إياهم بالكتابة حول العرض، وعن العرض، ومناقشة كل المواضيع بجرأة وصراحة، لمعرفة أسباب هذه الردة، كما طالبهم بالشفافية دائماً في سبيل تقويم العرض المسرحي، والبحث عن أسباب بُعد الإنتاج الفني والأدبي عن الناس، وسبب عزلة الناقد والعمل الفني عن الجمهور.
وأكّد الشطي للنقاد الشباب: “دوركم هو تقريب المسافة ما بين الانتاج الفني والأدبي، والجمهور”.
وفي تعليقها على كلمة الفنان أحمد الشطي، قالت د. سعداء: في البداية لا بد أن أعرّف طلبتي المتواجدين، أنني وأحمد الشطي زملاء من دفعة واحدة، وهو فنان معطاء، وإدارته للمسرح العربي ذكية، وهو مشارك دائم بكل ما يخص الحركة المسرحية، بجميع أبعادها، وأتمنى أن يكون طلبتي، قد استفادوا من كلمته الموجهة لهم.
د.علي العنزي : تجربة الدعاس مع الطلبة، الِاستثناء الوحيد ؟!
أما مداخلة د العنزي فكانت: “أتوجه بالشكر للقائمين على الندوة في جميعة الفنانين، ولاختيار من يتحدث بها، وشهادتي مجروحة في أختي العزيزة د. سعداء الدعاس”، وأضاف العنزي أنه كان متخوفاً في بداية الندوة، من أن تكون ذات طبيعة تاريخية، وحينما ذكرت الدعاس، الأسماء التي تُعتبر قامات في المسرح الكويتي، كنت متوجساً بعض الشيء، كون مسار الندوة سيكون توثيقياً، لكن المسار كان مغايراً لتوقعي، وتوقف د. العنزي عند الجيل النقدي الجديد، حيث اعتبر د. العنزي، أن تجربة د. سعداء مع طلبتها، هي الِاستثناء الوحيد؛ لأنه في المجمل، الطالب يتخرج، ونصب عينيه، الجانب المادي، والحياة الوظيفية، وأشار د. العنزي لمقولة للفيلسوف الألماني شبنهاور، “أن أكثر ما يكرهه القطيع، هو إنسان يفكر بشكل مختلف”، وهذا هو دور الأستاذ، بأن يجعل طلبته يفكرون بشكل مختلف، ولكن للأسف، هناك دائماً حساسية تجاه الطالب الجريء والشجاع، كما أن البعض يرى، أن الهدف يقتصر على تحليل النص المسرحي.
وتوّجّه بالشكر للدكتورة سعداء، على دورها البَنّاء مع الطلبة، مطالباً إياها بالاستمرار.
بناء على كلمة د. العنزي، استذكرت د. سعداء دور د. العنزي حين كان عميداً للمعهد في مساندة الطلبة، وتَحَمُلَّهُ لمسؤولية قبول الطلبة غير الكويتيين على جميع المستويات، وأكدت : “كثير من الطلبة لا يعرفون الدور الذي قام به د. العنزي، لأن كلينا يؤمن بأن الفن للجميع، وهذا ما جعل قاعات الدرس، تشتعل بأعداد كبيرة من الطلبة الفاعلين، لكن الحديث عن المعهد ذو شجون، لأن الذي يُدَرِّس الطلبة، لا بد أن يكون ممارساً للعملية النقدية والفنية، على سبيل المثال، سمعت أن هناك مشروعاً لإنشاء مجلة خاصة بالطلبة، وهي فكرة رائعة، لكنني صعقت، حين عرفت أن من سيشرف عليها، لم يكتب مقالاً في حياته، فكيف له أن يُشرف على مجلة، تنشر مقالات الطلبة، المشرف على هكذا مجلة، لا بد أن يكون ممارساً للكتابة، حتى يستطيع توجيه الطالب، وإرشادهم، بناء على خبراته، فكيف يُوَجِّهُ الطالب في كتابة المقال، وهو ذاته يحتاج لتوجيه!؟”
علاء الجابر : نفتقر لتداول الأجيال كما في التجربة المصرية.
أما مداخلة الكاتب والناقد علاء الجابر، فقد تناول من خلالها، موضوع تداول الأجيال، وأشار إلى أنه في مصر، لاحظ أن الجيل النقدي، في حالة تداول، منذ محمد مندور إلى اليوم، كانت ولازالت جميع الأجيال متواجدة في الساحة المسرحية، نقرأ في المجلة ذاتها على سبيل المثال لا الحصر، مقالاً لـ د.نهاد صليحة، ود.حسن عطية، وفي الوقت ذاته نقرأ لمحمد لروبي، ود.عمرو دوارة، ويسري حسان، ومن ثَمَّ لرانا عبدالقوي، وياسر صادق، ورانا أبو العلا، إلى أن نصل لجيل جديد، مازالوا في مراحلهم الدراسية الجامعية ، مثل طلبة عين شمس، وأكاديمية الفنون، وهذا ما تفتقده التجربة الكويتية، حيث نجد الكثير من الفجوات، في السن والتجربة.
ثَمَّ أتيح المجال للمشاركين من الشباب:
ضحى ناصر : أود أن أقول: إنكِ الأمل فعلاً.
الطالبة في الفرقة الرابعة في قسم النقد والأدب المسرحي، “ضحى ناصر”: دكتورتي دون مجاملة، لم أستطع أن أتجاوز شكركِ، وأود أن أقول لك: إنك فعلاً الأمل، فمن خلالك أستطيع أن أقول، إن هناك رؤية، تؤكد لنا بأننا سنتخرَّج كنقاد، بعيداً عن التفكير بأن نكون مجرد موظفين إداريين؛ ولكن إشكاليتنا اليوم، أن هناك افتقاراً لوجود نُقّاد، ومحصورة على أقلية معينة، والنعم بالجميع، ومن منظوري الشخصي، أرى السبب من المعهد نفسه، لم نعط للناقد قدراً معيناً، بحيث نجد المخرج، والممثل، وطالب الديكور، يعرفون أهمية الناقد، فالممثل الذي يتخرج من المعهد، لا بد أن يعرف دوري كناقد، كيف أبني وأطوِّر من أجله، حتى نرفع من الذوق العام، كما قال أستاذي د. علي العنزي، وهو أمر أهم من مجرد أداء عمل، للحصول على الشهادة، ورغم الحرية، التي أعطيتموها لنا، لتوصيل صوتنا، ولكنْ هناك الكثيرون من الممثلين في المسرح التجاري، لا يعرفون مَن هو الناقد، وما هي أهميته، وكما قال أستاذ علاء الجابر، لا توجد ورش، لنخلق جيلاً، لصناعة العمل الفني، وليس المسرح فقط.
سعداء: شكراً لضحى على هذا السؤال، وأستذكر في هذا الإطار مع أخي أحمد الشطي، مادة الإنتاج المسرحي، التي كانت تجمعنا نحن طلبة الأقسام الثلاثة، كما كانت لدينا محاضرات مشتركة، تعزز تلك العلاقة بين الطلبة، فإذا لم يتوافر ذلك، أصبحت المسؤولية، تقع على الطالب ذاته، في البحث، والقراءة، والِالتحاق في الورش، للاستفادة.
محمد القلاف : المطلوب تبني النقاد الشباب، كما فعلت مجلة نقد X نقد .
الناقد الشاب محمد القلاف: بدأ حديثه بتوجيه الشكر لجمعية الفنانين الكويتيين، وأشار القلاف أن هناك سؤالاً تبادر في ذهنه، حين دخل المعهد “ماهي الأسماء اللامعة لدينا في الكويت من النقاد؟!” اِكتشف أن السؤال، كان صعباً.
يرى القلاف، بأن عدم وجود الناقد في الساحة الفنية الكويتية، ربما لأنه أصبح لديه فوبيا، كما أشار القلاف إلى أن الصحافة الفنية لا تتبنى النقاد الشباب، لأن بعضهم لديه أهداف معينة، وربما بسبب سرعة العمل، فالناقد الشاب لا يمتلك تلك القدرة المطلوبة في الصحافة؛ لذا يرى القلاف أن الحل بسيط، يكمن في تبني النقاد الشباب، كما تفعل مجلة نقد X نقد، التي تبنت النقاد الشباب بالكويت، ومنحتهم مساحة للكتابة، وهكذا المسرح نيوز، في حين أن الصحافة في الكويت، لم تتح لهم فرصة الكتابة.
وعبّر القلاف عن سعادته بوجود مجلة خاصة بجمعية الفنانين، وتساءل عن مجلس إدارتها.
وأشارت الدعاس إلى أن سؤال القلاف مهم “لماذا لا تتبنى الصحف النقاد؟” وذكَّرَته بأن بعض المجلات، تحتاج إلى وسيط، إذن هناك دائماً، لابد من وجود وسيط، يثقون به، حتى الصحف الورقية، كانت د. الدعاس، ترسل لها مقالات طلبتها، من خلال علاقتها بالزملاء في الصحافة، لكنها أكَّدت:”هناك مسؤولية تقع على الناقد نفسه، فالمسألة تحتاج إلى استمرارية، وستجد الأبواب تفتح لك، حين تطرق الأبواب”.
بدر الأستاد : ماهي خسائرك، وأرباحك كناقدة ؟
الناقد الشاب بدر الأستاد، أشار للعديد من الأمور الخاصة بضيوف المهرجانات، وتساءل عن علاقة الناقد بالفنان، وختم مداخلته بسؤال: “لكل رحلة أرباح وخسائر، أعرف أن هناك خسائر، كما في موضوع القضية، ولكن ما هي الخسائر التي خَسِرتِها غير القضية؟ وماهي الأرباح التي رَبِحتِها؟
أجابت د. سعداء بالآتي: “الخسارة أنت من يحددها، فما قد تراه خسارة، قد يراه غيرك ربحاً، في النقد أمامك خياران، إما أن تكون ما يريده الآخرون، بناء على المصالح، أو أن تكون ما تريده أنت، لكن حين تقرر أن تكون ما يريده الآخرون، فسيكون من الصعب أن تعود لذاتك، لأن إرضاء الآخرين، يحمل الكثير من الإغراءات”، وأشارت لمثال حي عن الناقد علاء الجابر، حين علّق في إحدى الندوات، حول مشاركة رئيس إحدى المؤسسات الثقافية في المسابقة، التي تقيمها مؤسسته، متوقفاً عند تضارب المصالح، بعد ذلك السؤال، قاطعتنا تلك المؤسسة، قد يراها البعض خسارة، لكننا رأيناها ربحاً، بل إن الناقد علاء الجابر كبر بعيني حينها، لأنه كسب ذاته، وقناعاته، وهكذا المواقف، التي مرّت على الناقدة ليلى أحمد، ودخلت فيها بقضايا، في نهاية الأمر، هي اختارت التعبير عن ذاتها.
استجداء الدعوات؟!
وأكَّدت الدعاس: “أنا أعرف شخصيات تستجدي الدعوات، وحين يحصل أحدهم على تلك الدعوة، ويسافر لذلك المهرجان، بعد أن يطلب ذلك بنفسه، قد يعتقد هو، أن ذلك ربح، بالنسبة لي أراها خسارة له، لأنه خسر كرامته، قبل أن يسافر”.
وفيما يخص موضوع القضية التي رفعها البعض عليَّ بسبب مقال لي ، أشارت الدعاس: “حتى موضوع النيابة، كان ربحاً من وجهة نظري، وليس خسارة، فهي تجربة مغايرة، قد أكتب عنها يوماً ما، كونها التجربة الأولى في حياتي، من خلالها تعرفت على الصورة الحقيقية، بعيداً عن الصورة التقليدية، والتي اكتسبتها من الأفلام القديمة، سواء في النيابة العامة، أوالمباحث الجنائية، أوالمحكمة، فجميع من تعاملت معهم، في تلك المؤسسات، كانوا لطفاء ومحترمين، تعاملوا معي بتقديرعال، أليس ذلك ربحاً، كما أن إيماني تعزَّزَ بالمؤسسة القضائية، وشعرت بأننا بخير، وبأن حرية الكلمة بخير، وأنني في الكويت أستطيع أن أتكلم، في بلد تحترمني كناقد، طالما أنني لم أستخدم مفردة مسيئة.
أما علاقة الناقد بالفن، فترى الدعاس: “أن هناك مسرحيين يصغون إليك، ويتطورون، ولذلك فإن الندوات التطبيقية، ساهمت في تطوير الحركة المسرحية، أكثر من المقالات، لأن الندوات التطبيقية مباشِرة”.
وطرحت الدعاس مثالاً على ذلك، الفنان أحمد الشطي، قائلة: “أذكر في إحدى الندوات، كنت أنا المتحدث الرسمي فيها، وكان هو المخرج، وقلت العديد من الملاحظات، وفُوجئت فيه يثني عليَّ منذ اللحظة الأولى، لاستلامه للميكروفون، لماذا؟ لأنه فنان، الفنان الحقيقي، لا تهزه الملاحظات.
فيما يتعلق بسؤال بدر الأستاد، حول وجود النقاد في المهرجانات، أشارت د. سعداء، بأن تلك هي مسؤولية المؤسسة الثقافية، ففي المهرجان الأكاديمي التاسع، أثناء فترة عمادة د. علي العنزي في المعهد، استقطب ضيوفاً مهمين جداً، وأقاموا وِرشاً للطلبة، الذين استفادوا بشكل كبير جداً، تقريباً 90% من هذه الأسماء، لم تدخل الكويت من قبل، أنا و د. علي، كنا في اللجنة العليا للمهرجان المحلي، قبل سنوات طويلة، وبعد أن استنزفونا لأسبوع كامل، عبر الاجتماعات، توقعنا أن كل شيء سيكون مختلفاً، لكننا اكتشفنا أن القائمة، التي كتبناها بأسماء الضيوف المقترح استضافتهم، رميت حرفياً في الأدراج، وتم استقطاب الأسماء المكررة نفسها، من الذين يأتون للمهرجان منذ سنوات، لدرجة أن بعض تلك الأسماء قد أصابها الملل، وخفت وهجها، فصارت لا تشارك في الندوات، والدعوة بالنسبة لهم ليست أكثر من مجرد زيارة، فالضيف الجديد يمتلك الحماس، ويرغب بإثبات ذاته، لكن حين يدرك أن المكان سيستضيفه كل عام على أي حال، فلماذا يبذل أي جهد؟!، هذه مسؤولية المؤسسة، ولما كانت إدارة المهرجان، بقيادة فؤاد الشطي، حقيقةً استضاف كل الأسماء التي كنا نسمع عنها ، والتي كانت مهمة جداً حينذاك، وأنا نفسي استفدت منها كثيراً.
حنين سالمة : ماهي مسؤولية أستاذ النقد تجاه الناقد ؟
وشاركت في المداخلات الناقدة الشابة، حنين سالمة، التي كانت مسؤولة عن تنسيق، وإعداد الصور، التي تم عرضها في الندوة، فبعد أن تم شكرها على جهودها، قدمت تعقيباً مليئاً بالشجن، حول موضوع الندوة، حيث أبدت وجهة نظرها، حول آلية تدريس النقد كونها خريجة قسم النقد والأدب المسرحي، متسائلة: “ما هي المسؤولية، التي تقع على عاتق أستاذ النقد، تجاه الناقد؟!”
وهنا ردت د. الدعاس، بأن ليس كل من يدرس النقد، هو ناقد، فالِافتقاد للممارسة، يجعل من النقد مادة جامدة، لا تتعدى الجانب التاريخي، بآلياته التقليدية، التي عفا عليها الزمن، وبالتالي مسؤولية الناقد تجاه ذاته، هي الأهم، فهو مطالب بتثقيف ذاته، عبر القراءات والمشاهدات.
محسن النجدي : علاقة الطالب بأستاذ المعهد، تأدية واجب ؟!
أما الناقد الشاب محسن النجدي في مداخلته، فقد أشار لمرحلة حين كان طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية، حول علاقة الطالب بالأستاذ، والتي كانت مجرد تأدية واجب، حيث قال : “كمرحلة أنا واجهتها بنفسي، صارت تأدية واجب، أكثر من فكرة الإبداع، باستثناء د. سعداء الدعاس شخصياً، كما أشار النجدي للعلاقة بين الكاتب والمخرج، متسائلاً : “لماذا لا يكون للكاتب رؤية خاصة؟ لماذا ينظر أن رؤية المخرج، أهم من رؤية الكاتب؟”
وأجابت د. الدعاس: أنا مؤمنة أن المخرج، هو سيد العمل، ولا بد أن نؤمن بذلك، وألاحظ أن الطلبة دائماً لديهم هذه الحساسية، بما أنك كاتب، هذا يعني أنك أصبحت عنصراً من العناصر، لكنك عنصر تمتلك ميزة عن غيرك، كون النص يطبع، ويقرأ في نهاية الأمر، وأرى أنه لا بد لكل تلك العناصر، أن تخضع لرؤية المخرج.
بالنسبة للسؤال الثاني فيما يتعلق بالتعامل بين المُعلم والمتعلم، أتصور أنه كما ذكرنا خلال الحديث عن الاشكاليات، فالعلوم الإنسانية لا بد لها من ممارسة، حتى لا تتحول الفنون إلى مجرد دروس.
حضور الندوة :
اختتم فهد القعود الندوة، التي انتهت بالتقاط الصور، مع الحضور، وهم كالآتي:
الفنان القدير عبدالله غلوم، والمخرج عبدالله عبدالرسول، رئيس اللجنة الثقافية في جمعية الفنانين الكويتيين، والباحث صالح الغريب، والمخرج أحمد الشطي، رئيس مجلس إدارة فرقة المسرح العربي، والمخرج حسين المفيدي، ود. علي العنزي، أستاذ النقد والأدب المسرحي، والعميد الأسبق للمعهد العالي للفنون المسرحية، والكاتب والناقد علاء الجابر، رئيس تحرير نقد Xنقد، والناقدة ليلى أحمد، والفنان د. سعود المسعود، الأمين المساعد الأسبق لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والدكتور خالد القلاف، أستاذ مادة التاريخ والأدب الشعبي بالمعهد العالي للفنون الموسيقية ، والصحفيون حافظ الشمري، وفادي عبدالله، والفنان فتحي الصقر، والفنان زبير العميري، ومدير الإنتاج شبيب الشريدة وبعض أعضاء الجمعية، وأعضاء مجلس إدارتها.
حضر من الطلبة والخريجين المشاركين في النشر في مجلة (نقد X نقد)، والمشاركين في كتاب “لمن يقف خلف الباب”: أحمد ناصر، وأسيل القداح، وأنور النجار، والحر عبدال، وبدر الأستاد، وحسن حاجيه، وحصة الحمدان، وحنين سالمة، وجراح الهيفي، وزهراء المنصوري، وضحى ناصر، وعبدالعزيز الذويب، وعبدالملك الذويب، وغني جمعة، ومحسن النجدي، ومحمد القلاف، ومنيرة العبدالجادر، ونواف سرحان، وهبة غازي، ويوسف العصفور.