بدر الأستاد: مؤتمر الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني يتألق في دورته الأولى.


بدر الأستاد★
حقق المؤتمر الأول للاتحاد الكويتي للإنتاج الفني والمسرحي وصناع الترفيه، نجاحاً مشهوداً ، بمشاركة العديد من الأسماء المؤثرة والكبيرة في مجال المسرح، سواء من العاملين في المجال أو النقاد أو المسؤولين، الذين تناقشوا بجرأة وحرية بإدارة وإشراف المحامي خالد الراشد، الذي شرَّفني بالمشاركة في هذا المؤتمر المميز، بجانب الأسماء الكبيرة في المجال الفني في الكويت.

جاء المؤتمر بعنوان “مجريات التجربة الحالية للمسرح الكويتي الأثر والنتائج”، وذلك لمناقشة الوضع المسرحي الراهن من زوايا جديدة، وآراء متباينة للمشاركين، الذين ينتمون لأجيال مختلفة، مما أضاف للمؤتمر رونقاً وتفرداً في دورته الأولى، والتي تم إقامتها على مسرح سوق شرق، والخاص بالفنان خالد مظفر، الذي يبهرنا في كل مرة بتعاونه مع الجميع، ومشاركته في الأنشطة المجتمعية كفنان يؤمن بدوره الفعال في بناء المجتمع.
اِنقسم المؤتمر إلى ندوتين، الندوة الاولى شارك فيها مجموعة من المسرحين والنقاد منهم الأستاذ الدكتور خالد عبد اللطيف رمضان، والأستاذة الدكتورة سعداء الدعاس، والأستاذ الدكتور مبارك المزعل، والفنان القدير عبد الرحمن العقل، والمحامية حوراء الحبيب، والاستاذة عايشة الحمود الأمين المساعد لقطاع الثقافة والطفل في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

وبعد أن قام الراشد بتقديم المشاركين، اِفتتح الحوار مع الأستاذ الدكتور خالد عبد اللطيف رمضان، الذي تناول نشأة المسرح في الكويت والفرق المسرحية، ومِنْ ثَمَّ تطرَّق لدور مسرح الطفل وأهميته، ومِنْ ثَمَّ انطلق الفنان القدير عبد الرحمن العقل للحديث عن تدنِّي المستوى من وجهة نظره، بسبب سرعة إنجاز العمل المسرحي؛ حيث أعطى مثالاً على ذلك يتمثل في اختيار بعض الأعمال للممثلين قبل بدء العرض بعشرة أيام فقط،، وتحدَّث العقل عن تجربته الخاصة، التي يرى أنها مهمة ومؤثرة.
ومِنْ ثَمَّ تناولت المحامية حوراء الحبيب، الأثر السيء لبعض الأعمال الدرامية، التي تسببت في خسارة العديد من أولياء الأمور الحاضنين لأبنائهم، وضربت مثالاً عن إحدى القضايا حين شاهد أحد الآباء ابنته المشاركة في أحد الاعمال المسرحية، التي تحدُث فيها بعض التجاوزات في الكواليس، تم رفع قضية على الأم الحاضنة لهذا السبب، مما أدَّى لخسارة الأم لحضانة طفلتها.
كما ضربت مثالاً آخر عن تقليد أحد الأحداث لجريمة حدثت في أحد المسلسلات؛ حيث ارتدى قناعاً وقام بحرق مدرسته.

ومِنْ ثَمَّ تدخلت الناقدة والكاتبة د. سعداء الدعاس، التي تساءلت عن سبب امتعاض الكثيرين مما يحدُث في الساحة المسرحية في الكويت، رغم الجهود المبذولة، التي تقوم بها الجهات المسؤولة، والمسرحيون على حد سواء! وأكدت أن الجهود الطيبة قد تذهب هباء إذا لم يكن هناك آلية جيدة للعمل، وأعطت مثالاً على ذلك في الورش المسرحية، واللجان سواء لجان التحكيم أو الرقابة وغيرها؛ حيث أشارت بأن آلية اختيار الشخصيات المشاركة في تلك اللجان والورش، يؤثر سلباً على منجز تلك الجهات، لأن الاختيار لا بد أن يتم على أساس المنجز لا على أساس الألقاب الرنانة، التي لا قيمة عملية لها. ورددت الدعاس: “فكيف بمن لا علاقة له بالمسرح على المستوى الفني أو النقدي، أن يُقَيِّم مجهود المسرحيين!؟”
بعدها تحدَّث الأستاذ الدكتور مبارك المزعل، عن أهمية الرقابة الفنية وطالب بها، وألا تقتصر الرقابة على المحاذير فقط.

بعد مشاركة الأسماء الكبيرة جاء دوري، لأشارك برأيي حول الواقع الراهن، فتحدثت عن غياب الكاتب، رغم أهمية دوره، وضرورة اهتمام كاتب مسرح الطفل بالمتعة بقدر اهتمامه بالمعلومة، كما تطرَّقتُ لدور الرقابة، خاصة بعد أن يقوم العرض بتجاوز المحاذير أمام الجمهور، وضربت مثالاً على ذلك من أحد العروض الحالية، وأخيراً توقفت عند عدم تقبل بعض الفنانين للنقد، رغم أهميته، وأعطيت مثالاً على ذلك من أحد العروض، الذي تمت إعادته بعد سنوات عديدة، ففوجئت بأن العرض لم يتغيَّر، أو يتم إضافة، أو حذف أي من مشاهده، رغم النقد الذي تلقاه العرض في السنة الأولى! فهل يعقل أن صُنَّاع العمل لم يلاحظوا أي خلل في العمل..!!

كان مسك الختام مع الأستاذة عائشة المحمود، التي تضمنت مداخلتها إجابة على بعض المحاور المطروحة، وأكدت أنها تتقبل جميع الآراء للنهوض بالفن الكويتي، وخاصة ما يتعلق بمجال الطفل.
وبعد استراحة قصيرة، بدأت الندوة الثانية، التي كانت أكثر اشتعالاً، فكانت الآراء جريئة ومميزة في نفس الوقت، شارك فيها الفنانة القديرة هيفاء عادل، والمخرج نجف جمال، والناقد والكاتب علاء الجابر، والفنان عبد العزيز النصار، والفنان بدر الشعيبي، والفنان عبد الله عبدالرضا، والناقد بشار جاسم، والأمين المساعد لقطاع الفنون في المجلس مساعد الزامل.

كانت البداية مع هيفاء عادل، التي تحدثت عن مشاكل مسرح الطفل؛ حيث انتقدت الوضع الراهن، وأشادت بمسرحية “زرقون” التي تشارك فيها من إخراج المخرج نجف جمال، والذي بدوره تحدَّث عن الصعوبات التي يواجهها الفنان، وتوقف عند تجربته في “زرقون”، وتداخلت معه الفنانة هيفاء عادل؛ حيث أكدت من وجهة نظرها على أهمية المضمون التربوي والتعليمي للعودة إلى مسار الرواد.

اِنتقل الحديث بعدها إلى الناقد بشار جاسم، الذي بدأ حديثه حول أهمية مسرح الطفل، وأشار إلى أنه والكثير من جيل التسعينيات تعلموا من مسرحيات الطفل، وذكر مثالاً على ذلك مسرحية (سالي) للكاتب علاء الجابر، والتي أكد جاسم تأثيرها عليه هو شخصياً، وكيف أن الكثيرين من الأطفال وقتها تعلموا أشهر السنة منها، وبالتالي لا بد من الاهتمام بما يقدِّمه مسرح الطفل، وتأثيره على طفل اليوم.

أما الأستاذ علاء الجابر، فبدأ كلامه متسائلاً: ماذا قدَّمنا للمسرحيين حتى نحاسبهم على ما يقدمونه!؟ حيث يرى بأن المطالبة بمواضيع، أو نمط معين، أمر غير منصف طالما أنهم يخوضون التجربة لوحدهم دون دعم معنوي أو مادي حتى، وإن كان قاعة عرض! مما يجعلهم يتكبدون مبالغ طائلة من أجل تأجير قاعات العرض، كما ناقش الجابر فكرة تتكرر دائماً وهي غير دقيقة من وجهة نظره، قائلاً: ليس كل الأعمال التي قُدِّمت في الماضي جيدة، وليس كل الأعمال التي تُقدَّم في الحاضر سيئة، وطالب الفنانين الشباب بأن يستعينوا بآراء الكبار من واقع خبراتهم وتجاربهم.
أما الفنان بدر الشعيبي، فتحدَّث عن تجربته المسرحية، والتي بدأت مع مسرح الطفل؛ حيث أشار إلى أن أول من ساهم في صعوده لخشبة المسرح هو الأستاذ علاء الجابر، وأنه يشعر بالامتنان له، كما أكد الشعيبي على علاقته الوطيدة بهذا المجال، والتي أثمرت العديد من العروض المتميزة، آخرها (المدينة الترفيهية)، كما توجه الشعيبي بالشكر للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ممثلاً بالزامل، الذي قدَّم له الدعم والتشجيع.
هنا جاء دور عبدالعزيز النصار، للحديث عن وجهة نظره بكل قوة، فأثنى على كلام علاء الجابر، وتحدَّث عن معاناة الفنانين الشباب بخصوص المسرح والتكلفة الباهظة في عملية تحول الأندية الرياضية الى مسرح، رغم وجود المسارح المحلية، كما تناول العديد من الإشكاليات، التي يعانيها شخصياً كمنتج ومبدع مسرحي، مؤكداً أنه لا يطالب بأي شيء كونه استطاع تشكيل مسرحه الخاص، ولكنه يتمنى التشجيع المعنوي على أقل تقدير، وكما ردد: الكلمة الطيبة حين تأتي من مسؤول فهي دعم بحد ذاته، وتوقف عند تجربته (عيال ابليس) التي حققت نجاحاً كبيراً، لكنه لم يتلقَ أي اهتمام، أو تشجيع من المسؤولين.
وبعدها تناول عبد الله عبدالرضا، تجربته المتمثلة في مسرحية “صنع في الكويت” ورد على ما قالته هيفاء عادل بأنه لا يستهدف الجانب التعليمي، بل يستهدف المتعة، وأكد على مواجهته للعديد من الإشكاليات، خاصة مع الرقابة، كما يستغرب تقييم الجمهور للمسرحية من خلال مقطع قصير على التيك توك!

بعد طرح جميع الآراء، أبدى الاستاذ مساعد الزامل، وجهة نظره، وأجاب عن العديد من الأمور، كما أكد على دعمه لجميع الفنانين، وتحدَّث عن مفاجأة خاصة بالاستفادة من المسارح الموجودة في وزارة التربية، وسعيه في هذا الشأن. كما أجاب على العديد من المحاور، التي طرحها الكتاب والنقاد والفنانون.

اِنتهى المؤتمر بتكريم جميع المشاركين من قِبَلِ الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الجسار، ورئيس الاتحاد خالد الراشد، الذي نشُدُّ على يديه لإقامة مثل هذا المؤتمر، ونتمنى من الاتحاد إقامة المزيد من الفعاليات الثقافية المثمرة كهذا المؤتمر، الذي ترك أثره في نفوس جميع المشاركين؛ حيث استمر الحوار لما بعد الندوات، وأثناء حفل الغداء.
★ناقد ـ الكويت.



